في قلب جهة فاس مكناس، وعلى إيقاع من الجدية والتنظيم المحكم، التأم عشرات الأطر الصحية في مؤتمر جهوي وصفه المتتبعون بمحطة تأسيسية فارقة في المسار النقابي للقطاع الصحي بالمنطقة.
اللقاء، الذي جرى تحت لواء الكونفدرالية العامة للشغل (CGT)، لم يكن مجرد حدث انتخابي عابر، بل لحظة تنظيمية وازنة استحضرت الذاكرة النقابية، واستشرفت أفق العمل المشترك، وسط تحديات متراكمة تعيشها الشغيلة الصحية بمختلف فئاتها.
منذ اللحظات الأولى، بدا أن الحاضرين يحملون على عاتقهم مسؤولية تتجاوز انتخاب كاتب جهوي جديد، نحو تأسيس تعاقد نضالي جديد، أكثر فعالية، وأكثر ارتباطًا بقضايا الميدان اليومي.
المداخلات تنوعت، لكنها تقاطعت حول ضرورة القطع مع الجمود، وضخ دماء جديدة في الصف التنظيمي، وفق رؤية واضحة تؤمن بأن العمل النقابي الحقيقي لا يُقاس بالشعارات، بل بالفعل الميداني، والترافع الجاد، والتمثيل النزيه.
وبعد نقاش مستفيض، ووسط أجواء ديمقراطية اتسمت بالشفافية والانضباط، تم انتخاب السيد المهداوي إسماعيل كاتبًا جهويًا للنقابة الوطنية لقطاع الصحة بجهة فاس مكناس.
اختيار اعتُبر انعكاسًا لإرادة جماعية في بعث تنظيم نقابي متجدد، يستمد شرعيته من القاعدة، ويشتغل بمنطق القرب من هموم الشغيلة وتطلعاتها.
وما زاد اللقاء عمقًا، هي مداخلة وُصفت بالقيمة ألقاها الدكتور عبد القادر طرفاي، أحد أبرز الوجوه الوطنية في الكونفدرالية، حيث بسط فيها تحديات المرحلة، وأجاب بدقة على مختلف تساؤلات المؤتمرين، مؤكدًا على ضرورة تثبيت مركزية صفة الموظف وضمان الأجور، كمداخل لضمان الاستقرار المهني والاجتماعي.
ولأن العمل النقابي لا ينجح بدون بنية تنظيمية قوية، لم يفت المؤتمرين توجيه تحية خاصة إلى اللجنة التحضيرية التي أشرفت على الإعداد، وإلى كل من ساهم في إنجاح هذا الموعد التنظيمي.
هكذا، خرج المؤتمر الجهوي بتوافقات وتصورات جديدة، وبقي شعار المرحلة حاضرًا بقوة في الأذهان واللافتات:
"لا تنازل عن الكرامة، ولا بديل عن صفة الموظف ومركزية الأجور."