في بادرة راقية تعكس روح التقدير والوفاء، نظّم طلبة ماستر تدبير وجودة المصالح الصحية بـالمعهد العالي للمهن التمريضية وتقنيات الصحة بكلميم لحظة مميزة للاحتفال بالأستاذ الدكتور محمد البوزيدي، وذلك بمناسبة صدور كتابه الأول الذي حمل عنوان:
"Guerriers de l'ombre, au-delà du cancer: le vécu des aidants naturels"
تكريم مستحق لرجل أعطى الكثير
لم يكن هذا الاحتفاء مجرد لحظة عابرة، بل هو ترجمة صادقة لما يحمله الطلبة من امتنان لرجل وهب حياته لخدمة التكوين والبحث في ميدان التمريض. فالأستاذ البوزيدي، المعروف بحضوره القوي داخل المدرجات وسعة علمه ودماثة خلقه، ترك بصمة عميقة في نفوس أجيال من الطلبة.
وقد عبّر الطلبة عن امتنانهم بطريقة مؤثرة، حيث استقبلوا أستاذهم بالورود والكلمات الدافئة، في مشهد مليء بالعفوية والصدق، يعكس العلاقة الجميلة التي تجمعهم به، ويُكرّس في الوقت ذاته ثقافة الاعتراف التي باتت نادرة في زمننا.
"جنود الظل".. شهادة حية على وجع لا يُرى
في كتابه الجديد، يغوص الدكتور البوزيدي في عالم "المرافقين الطبيعيين" لمرضى السرطان، وهم أولئك الأشخاص الذين يتحملون بصمت أعباء العناية بالمرضى، دون أن يحظوا غالباً بالاهتمام الكافي من المجتمع أو حتى من منظومة الرعاية الصحية.
الكتاب لا يكتفي بسرد الوقائع، بل يقدم قراءة سوسيولوجية عميقة لتجربة هؤلاء، كاشفاً عن معاناتهم اليومية وتأثير ذلك على توازنهم النفسي والاجتماعي. إنّه عمل يُحاكي الواقع بجرأة، ويمنح الكلمة لمن لا صوت لهم.
وقد كان توقيع هذا المؤلف ضمن فعاليات الدورة الثلاثين للمعرض الدولي للنشر والكتاب بالرباط، برواق الراصد الوطني للنشر والقراءة، بحضور نخبة من المهتمين بمجال الصحة والكتابة الإنسانية.
البوزيدي.. بين التمريض والمعرفة
يُعرف عن الدكتور البوزيدي —ابن مدينة تيزنيت— تفانيه في العمل، وحرصه على الرقي بمستوى التكوين في المعهد الذي يشتغل به. حاصل على دكتوراه في السوسيولوجيا، ويشغل منصب أستاذ مساعد، وقد استطاع أن يجمع بين العلم والخلق، في صورة نادرة للممرض المثقف الملتزم.
إن أسلوبه في التدريس يترك أثراً خاصاً لدى طلبته، فهو لا يكتفي بتلقين الدروس، بل يفتح المجال للنقاش والحوار، مما يجعل الحصة الدراسية عنده تجربة فكرية بامتياز.
الاحتفاء بالدكتور البوزيدي هو تكريم لمدرسة كاملة من العطاء، واعتراف برجل آمن بأن الممرض يمكن أن يكون باحثاً، مفكراً، ومغيراً. مبروك له هذا الإنجاز النوعي، ومبروك للمشهد التمريضي المغربي بهذا النموذج المشرق.