في مشهد مشحون بالعزة والإصرار، شهدت مدينة طرفاية صباح اليوم وقفة احتجاجية ميدانية أمام مقر عمالة الإقليم، خطتها أنامل الغيورين على قطاع الصحة، ورفعت فيها شعارات تنبض بالغضب والكرامة. لم تكن الوقفة مجرد تجمهر عابر، بل كانت لحظة فارقة اجتمعت فيها الإرادة الجماعية للتعبير عن عمق الجراح، ورفض أساليب التسويف والإقصاء.
التحام الأطر الصحية ووعيها النقابي العالي منح لهذه المحطة زخماً خاصاً. فقد جسّد المحتجون، رجالاً ونساءً، نموذجاً نضالياً هادئاً في الشكل، صارخاً في المضمون، عبّروا من خلاله عن رفضهم للممارسات الإدارية التي باتت تمسّ بمصداقية المسؤولية العمومية، وتقوّض قيم الحوار والتشاركية.
بلاغ المكتب الجهوي للجامعة الوطنية لقطاع الصحة بطرفاية، الذي سبق الوقفة، لم يترك مجالاً للبس: اتهامات مباشرة لسلوك استعلائي من قبل المندوب الإقليمي، واختلالات واضحة في تدبير الموارد البشرية والمالية، وغياب مقاربة منصفة في معالجة القضايا المحلية. وهي اتهامات ثقيلة، عبّر أصحابها عن استعدادهم لمتابعة كافة الأشكال النضالية حتى تتحقق المطالب أو يوضع حد لهذا "العبث الإداري" على حد وصفهم.
البيان التصعيدي رقم 2 لم يكتف بالتشخيص، بل دعا لوقفة جديدة يوم الخميس 3 يوليوز 2025 على الساعة 16:30، مع التلويح بإجراءات تصعيدية أخرى إن لم يتم التعامل الجاد مع مطالبهم. وكان لافتاً في لغة البيان النبرة الحازمة التي حملت المسؤولية للمندوب الإقليمي بشكل مباشر، مع المطالبة الصريحة باعتذار رسمي منه.
الأكيد أن معركة الكرامة التي تخوضها الأطر الصحية بطرفاية لم تعد قابلة للتأجيل، خصوصاً في ظل سياق وطني يشهد تحولات كبرى على مستوى تنزيل النموذج التنموي ومراجعة أسس المنظومة الصحية. وأمام هذا الإصرار الجماعي، تبقى الكرة الآن في ملعب المسؤولين مركزياً وجهوياً، لإثبات حسن نواياهم تجاه هذه الفئة الحيوية التي ترفض أن تُعامل كرقم إداري أو حقل تجارب عابر.