في قلب العاصمة الرباط، وبين جدران المقر المركزي لحزب التجمع الوطني للأحرار، التأم لفيف من المهنيات والخبراء يوم السبت 12 يوليوز 2025، ضمن لقاء وطني حمل عنوانًا دالًا:
"القابلات في صلب إصلاح المنظومة الصحية: نحو تمكين مؤسساتي ومهني لضمان رعاية مستدامة لصحة الأم والطفل".
اللقاء، الذي دعت إليه المنظمة الوطنية لمهنيي الصحة، لم يكن مجرد مناسبة بروتوكولية، بل شكل لحظة إنصات حقيقية لنبض قطاع القبالة، وللهموم والرهانات التي تحيط بصحة الأم والطفل، في ظل الورش الكبير الذي تعرفه المنظومة الصحية بالمغرب.
تعددت المداخلات وتنوعت الرؤى، لكن ما جمعها كان أقوى: إيمان عميق بالدور المحوري الذي تضطلع به القابلات في تأمين رعاية أولية ذات جودة، وتحقيق عدالة صحية على امتداد التراب الوطني. من داخل القاعات، علت أصوات الخبيرات والممارسات، ناقلن تجارب من الميدان، وصوتًا من العمق المهني طالما انتظر الاعتراف والتثمين.
بين النقاشات، برزت ثلاث كلمات: التمكين، الاعتراف، والاستقلالية. فالتمكين هنا لا يُفهم فقط كحق مهني، بل كضرورة لضمان استمرارية الرعاية الصحية، خاصة في المناطق الهشة. والاعتراف لا يقتصر على الأقوال، بل يُترجم في النصوص القانونية، وفي إحداث الهيئة الوطنية للقابلات، وفي توفير بيئة اشتغال تحفظ الكرامة وتفتح آفاق التطور.
ولم يغب عن الحاضرين الطابع المؤسساتي للموضوع؛ حيث شارك ممثلون عن قطاعات صحية وأكاديمية، مؤكدين على ضرورة تقاطع السياسات العمومية مع واقع المهنيات، وعلى أهمية التكوين المستمر كرافعة للتجديد.
اللقاء، في جوهره، كان محطة ضمن سلسلة لقاءات موضوعاتية تنظمها المنظمة الوطنية لمهنيي الصحة، تحضيرًا للملتقى الوطني المقبل، الذي من المنتظر أن يشكل لحظة فارقة في مسار الإصلاح، عبر توصيات نابعة من عمق الممارسة، لا من رفوف المكاتب.
وفيما كانت الكلمات تُتبادل داخل القاعة، كانت رسالة واضحة تُكتب خارجها: أن المرأة القابلة ليست فقط مرافقة للحياة، بل ركيزة في بناء منظومة صحية عادلة، مهنية، ومستدامة.