في يوم 12 يونيو 2025، صدر بيان نضالي استثنائي عن المكتب المحلي للجامعة الوطنية للصحة (UMT) بسطات، حمل الرقم "3"، لكنه لم يكن رقمًا عابرًا، بل جرس إنذار مدوٍ، رسم حدود الكرامة ولامس عمق المعاناة. "كرامتنا خط أحمر، والعمل النقابي حق لا نقاش فيه، والمعهد ليس ملكًا خاصًا"... هكذا بدأ البيان، ليضع مباشرة النقاط على الحروف في صراع بدأ يتفاقم داخل أروقة المعهد العالي للمهن التمريضية وتقنيات الصحة بسطات.
السياق كان واضحًا: سلسلة من التضييقات الممنهجة، تمييز في التعامل، وتجاوزات في التسيير الإداري والتربوي. ممارسات دفعت المكتب المحلي للنقابة إلى دق ناقوس الخطر، مؤكدًا أن الصمت لم يعد خيارًا، وأن الكرامة النقابية ليست سلعة للتفاوض. البيان لم يكتفِ بالتنديد، بل كشف عن سلسلة من الخروقات، أبرزها منع الأنشطة النقابية داخل المؤسسة، التضييق على الطلبة، خاصة ذوي الخلفيات النقابية، استخدام أساليب الضغط والتهديد ضد المناضلين النقابيين، وظهور ممارسات كيدية وتحركات انتقامية من داخل الإدارة ضد مكونات المكتب المحلي.
لكن النقابة قررت أن الرد سيكون بالفعل لا فقط بالكلمات، حيث أعلن المكتب المحلي عن برنامج نضالي تصعيدي يشمل وقفة احتجاجية يوم الخميس 19 يونيو أمام المعهد على الساعة 11:00، واعتصامًا مفتوحًا بدءًا من يوم الإثنين 23 يونيو، ثم وقفة احتجاجية ثانية يوم الإثنين 30 يونيو بنفس التوقيت والمكان. هذه الخطوات، كما جاء في البيان، تأتي دفاعًا عن الحقوق، ورفضًا لكل أشكال التسلط والاستقواء بالمنصب، وإيمانًا بأن المعهد مؤسسة عمومية، وليست ضيعة خاصة لأحد.
في صبيحة يوم الخميس 19 يونيو 2025، تحوّلت الكلمات إلى أفعال، وتجسدت الوقفة الاحتجاجية كما خُطّط لها أمام المعهد العالي للمهن التمريضية وتقنيات الصحة بسطات. المشهد كان استثنائيًا: مشاركة واسعة من الأطر الصحية، حضور لافت لطلبة ومهنيين، وأصوات ارتفعت بشعارات تُجسد الغضب، والإصرار على المطالبة بالكرامة وحرية العمل النقابي. لم تكن مجرد وقفة، بل كانت تجسيدًا حيًا لرفض الترهيب والتضييق، ورسالة مباشرة إلى الجهات المسؤولة بأن الجسم التمريضي مستعد للوقوف صفًا واحدًا في وجه كل محاولة لإخماد صوته.
في ختام البيان، صدحت العبارة الأبرز: "لن نقبل بالترهيب، لن نرضخ للتضييق، وسنواصل المعركة حتى النصر". رسالة قوية، موجهة لكل من سولت له نفسه استغلال السلطة في قمع الصوت النقابي الحر. فالمعركة لم تعد بين إدارة ونقابة، بل بين من يريد كرامة الممرض أن تبقى مصانة، وبين من يعبث بأبسط الحقوق المهنية.