بعد ما يقارب ثلاثة أسابيع من الاعتصام المتواصل أمام المندوبية الإقليمية لوزارة الصحة والحماية الاجتماعية بمولاي يعقوب، أعلنت النقابة الوطنية للصحة العمومية، العضو المؤسس للفيدرالية الديمقراطية للشغل، عن تعليقها المؤقت للبرنامج النضالي الذي أطلقه مكتبها الإقليمي، وذلك عقب توصلها بدعوة رسمية لجلسة حوار مركزية مرتقبة يوم الثلاثاء 24 يونيو الجاري. قرار التعليق لم يكن وليد لحظة تهدئة أو رضوخ، بل جاء في سياق اختارت فيه النقابة تغليب منطق الحوار على منطق التصعيد، دون التنازل عن جوهر المطالب ولا عن قناعتها الراسخة بأن الاحتجاج السلمي حق دستوري لا يُساوَم.
الاعتصام الذي دام 18 يومًا، لم يكن سوى ترجمة ميدانية لحالة من التذمر والغضب مما وصفه المكتب الإقليمي بسلسلة من الخروقات والتجاوزات التي أصبحت تميز تدبير القطاع الصحي بالإقليم. وبينما كانت الوقفة مفتوحة على كل احتمالات التصعيد، دخل الكاتب الوطني كريم بلمقدم على الخط، متدخلًا بشكل مباشر لفتح قنوات تواصل مركزية وضمان التفاعل الرسمي مع الملف المطلبي في شموليته. رغم ما وصفته النقابة بمحاولات الاستفزاز والمراوغة الصادرة عن المندوبة الإقليمية، والتي رأت فيها سعيًا مكشوفًا للإجهاز على الحق في الاحتجاج، فقد أبدى المكتب الإقليمي روحًا مسؤولة في تعامله مع المستجدات، مؤكدا أن الفيدرالية الديمقراطية للشغل ليست طرفًا في التأزيم، بل مكونًا وطنيًا يطرح الحلول ويدافع عن الحقوق.
في ذات البلاغ، عبّر المكتب عن استغرابه للصمت الذي خيم على مواقف المسؤولين المحليين والجهويين، ممن اختاروا التفرج على احتقان الشغيلة بدل البحث عن حلول ناجعة. ومع ذلك، ظل التشبث بمطالب القواعد الصحية حاضرًا، رافضًا أي نهج انتقائي أو التفاف على جوهر الملف المطلبي، ومؤكدًا أن لا تراجع عن مبدأ الكرامة والعدالة والمساواة في التعامل مع جميع فئات مهنيي الصحة بالإقليم.
اليد الممدودة للحوار لم تكن تعني، بالنسبة للنقابة، التخلي عن أدواتها النضالية، بل بالعكس، فهي احتفاظ بحقها الكامل في استئناف البرنامج الاحتجاجي بأشكال أكثر تصعيدًا، في حال عدم وفاء الجهات المسؤولة بالتزاماتها. وفي ختام بلاغه، وجّه المكتب الإقليمي تحية تقدير وامتنان لكل الشغيلة الصحية والضمائر الحية التي ساندت المعركة، وعلى رأسهم الكاتب الوطني كريم بلمقدم، داعيًا الجميع إلى المزيد من الالتفاف حول الإطار النقابي باعتباره الحصن الجماعي الذي يحمي صوت القواعد من الضياع.