في حادث يعكس هشاشة الحماية المهنية التي تشتغل ضمنها الأطر الصحية، تعرضت الممرضة الرئيسية بجناح الطب-2 بالمركز الاستشفائي الحسن الثاني بأكادير، يوم الخميس 19 يونيو 2025، لاعتداء لفظي وجسدي مهين أثناء مزاولتها لمهامها. الاعتداء جاء على يد إحدى المرتفقات، التي رفضت الانتظار ريثما تُستكمل الإسعافات الأولية لحالة مستعجلة ذات أولوية، لتتحول حالة التوتر إلى اعتداء طال جسد الممرضة وكرامتها على حد سواء، في مشهد بات يتكرر داخل مرافق العلاج العمومي دون رادع.
الواقعة خلفت موجة استياء في صفوف مهنيي الصحة، ولم تتأخر الجامعة الوطنية للصحة، المنضوية تحت لواء الاتحاد العام للشغالين بالمغرب، عن إصدار بلاغ استنكاري تضامني عبّرت فيه عن رفضها المطلق لهذا السلوك الذي وصفته بالخطير، معتبرة أن المس بكرامة الأطر الصحية خط أحمر لا يمكن تجاوزه، ومؤكدة أن أي إصلاح مرتقب للقطاع لن ينجح دون احترام العاملين فيه وضمان أمنهم الجسدي والمعنوي. الجامعة طالبت بفتح تحقيق مستعجل، وباتخاذ كافة الإجراءات القانونية الرادعة في حق المعتدين، بما يضمن عدم الإفلات من العقاب وتكريس ثقافة احترام المؤسسات الصحية وأطرها.
وفي الوقت الذي يتواصل فيه الحديث عن إصلاح المنظومة الصحية الوطنية، تعود هذه الأحداث لتسلط الضوء على جزء من الواقع الذي يعيشه الممرضون والممرضات في الميدان. واقع مشحون بالتوتر، تغذيه محدودية الحماية، وغياب تام لمنظومة أمنية فعالة داخل العديد من المؤسسات الاستشفائية. فرغم الجهود الجبارة التي تبذلها الأطر التمريضية، فإنها تظل مهددة في كل لحظة، وقد تتحول لحظات الواجب المهني إلى مشاهد عنف لا مبرر لها.
إن كرامة الموظف في قطاع الصحة ليست امتيازًا، بل حق أصيل، ولا يمكن الاستمرار في السكوت عن تكرار حوادث الاعتداء، خصوصًا إذا كانت تتكرر أمام صمت مريب وتفاعل محتشم من طرف المسؤولين. الجامعة أكدت في بلاغها أنها تتابع هذا الملف عن كثب، ولن تتردد في اتخاذ كافة الأشكال النضالية دفاعًا عن كرامة الشغيلة الصحية، رافعة شعار "لا خدمة بدون حماية، ولا إصلاح بدون كرامة".
في ظل هذه الأجواء، يبقى مطلب تمكين الأطر الصحية من بيئة آمنة ومحترمة هو المدخل الحقيقي لأي إصلاح مستقبلي. فلا يمكن الحديث عن تجويد الخدمات، دون تمكين من يقدمها من الشعور بالأمان، ودون اعتراف فعلي بأن الأطر الصحية هم أساس أي تحول إيجابي في المنظومة الصحية المغربية.