في الثاني عشر من ماي، حيث يحتفل العالم باليوم الدولي للتمريض، حملت وجهتي هذا العام إلى مدينة تيزنيت، بدعوة كريمة للمشاركة في ندوة علمية ومهنية متميزة، خُصصت للاحتفاء بالدور الحيوي الذي تضطلع به مهنة التمريض وتقنيات الصحة في منظومة العناية بالمواطن.
كان فضاء الندوة يعج بالوجوه المألوفة والقلوب النابضة بروح الانتماء، وتحت عنوان: "مكانة العلاجات التمريضية وتقنيات الصحة داخل أوراش إصلاح الأنظمة الصحية: مقارنات وطنية ودولية"، قدّمت مداخلتي التي حاولت من خلالها تسليط الضوء على التحديات والفرص التي تتيحها إصلاحات الأنظمة الصحية، مستشهداً بتجارب مقارنة من دول قطعت أشواطاً متقدمة في تمكين الممرض وتقني الصحة من أدوار قيادية تتجاوز الرعاية إلى التأثير في السياسات.
حين تلتقي المعرفة بالإنسانية
في ذات اللقاء، أسعدني أن أشارك المنصة مع الأستاذ عبد الله ميروش، الذي أثْرَى النقاش بمداخلة عميقة حول: "أهمية العلوم الإنسانية والاجتماعية والقانونية في برامج التكوين في العلوم الصحية"، مبرزاً كيف أن التكوين الصحي لا يكتمل إلا حين يُطوَّق بأدوات الفهم الإنساني والتفاعل الاجتماعي.
أما الدكتور محمد البوزيدي، أستاذ باحث بالمعهد العالي للمهن التمريضية وتقنيات الصحة بتيزنيت، فقد قادنا إلى بعد آخر من الرعاية، عبر قراءته في كتاب:
"Guerriers de l'ombre: Au-delà du cancer, le vécu des aidants naturels"،
كاشفاً عن عالم الدعم النفسي والاجتماعي الذي يحتاجه كل من يرافق مريضاً في معركته ضد الألم.
وفي لحظة فنية وأدبية نادرة، قدّم الأستاذ حسن الباعقيلي، الممرض والروائي، قراءة مؤثرة في روايته "الغصن المقوس"، حيث يتقاطع الأدب مع التمريض، وتذوب الكلمات في بحر من المشاعر والانكسارات والأمل.
تكريم بطعم الوفاء
لم تكن الندوة فقط محطة علمية، بل لحظة وفاء بامتياز. فقد شهدت القاعة تكريم ثلة من الأطر التمريضية المحالة على التقاعد برسم سنة 2025. عيون دامعة، تصفيقات حارة، وذكريات تختزل عقوداً من التضحية والعطاء اللامحدود. لحظة إنسانية لا تُنسى، جسدت جوهر المهنة: الالتزام، الصبر، ونكران الذات.
كلمة شكر وامتنان
من هذا المنبر، أتوجه بأحرّ عبارات الشكر والتقدير لكل الزملاء الذين أشرفوا على التنظيم، وخصّوني بحفاوة الاستقبال وكرم الضيافة. كما أعبّر عن امتناني العميق للمحاضرين الأفاضل الذين شاركونا تجاربهم الثرية، ولكل ممرض وممرضة وتقني وتقنية صحة في ربوع وطننا العزيز، أنتم جنود الظل، أنتم عماد الصحة، وكل عام وأنتم بخير.
- منقول بتصرف من الصفحة الشخصية للأستاذ مصطفى جعا، الكاتب الوطني للنقابة المستقلة للممرضين وتقنيي الصحة.