في جهة مراكش آسفي، كما في مناطق أخرى من المغرب، يشهد قطاع الصحة ظاهرة مقلقة: توتر متصاعد بين النقابات، يصل أحياناً إلى مستوى العداء المباشر والتشكيك المتبادل، بل وحتى السخرية من الأشكال النضالية للغير. وهذا ما يُفرغ العمل النقابي من مضمونه النبيل ويحوّله إلى صراع شخصي أو حسابات ضيقة لا يستفيد منها سوى من يتربص بحقوق الشغيلة.
إن الاختلاف النقابي مشروع بل ومطلوب في ظل التعددية التي يضمنها القانون، لكن الاختلاف لا يعني أبداً العداء. فوجود تصورات مختلفة وأساليب نضال متباينة يجب أن يُغني النقاش لا أن يفجّره، ويُقوي المرافعة لا أن يُضعفها.
من المؤسف أن نرى كيف يتحول بعض النقابيين إلى أدوات للتهجم بدل أن يكونوا صوتاً للحوار، وكيف يسخر البعض من وقفة احتجاجية هنا أو إضراب هناك، فقط لأن الجهة الداعية تختلف عن انتمائهم.
في المقابل، المطلوب اليوم أكثر من أي وقت مضى هو:
- الارتقاء بالخطاب النقابي نحو فضاءات الاحترام والحجة لا الاتهام والتهكم.
- الاعتراف المتبادل بمشروعية النضال واختلاف الأساليب.
- العمل المشترك حول القضايا الجامعة، كظروف العمل، الخصاص، التكوين، التعويضات، والحماية من العنف والإجهاد المهني.
إن المرفق الصحي العمومي في حاجة إلى نقابات قوية، واعية، متماسكة، قادرة على التنسيق عند الحاجة والاختلاف باحترام عند الضرورة. أما الانقسام، فلن يزيد العاملين إلا إحباطاً، والمواطنين إلا خيبة، والإدارة إلا راحةً في التملص من مسؤولياتها.