عمر الجسم التمريضي بأضلعه الثلاث في الميدان والشارع لسنوات طويلة وحيدا دون تحقيق مجموعة من المطالب التي كانت من المفروض أن تخرج إلى حيز الوجود منذ عقد ونصف من الزمن على أقل تقدير إذ إن ثمار هذا العمل النضالي الخلاق والنبيل تقطفها جهات خاصة تتمركز على طليعة النقابات الكلاسيكية من خلال تهميش الشغيلة التمريضية في حقها في الحوار إظافة إلى كون المترافعين عن الممرض وتقني الصحة لم يترافعوا يوما على الملف المطلبي التمريضي بالشكل المطلوب حيث كانوا يجعلون مصالحهم الشخصية أولوية على حساب رغيف خبز المواطن البئيس و كانوا يقفون مكثوفي الأيدي أمام من يدس الدسائس للممرض وأكثر من ذلك كانوا خونة شاهدين على خيانة الممرض وتقني الصحة في جميع جلسات الحوار مع الوزارة ولم يقفوا عند هذا الحد بل وصلت بهم الوقاحة بمعية المسؤولين الوزاريين والحكمومة إلى ترويج أخبار مفادها أن الممرض وتقني الصحة استفادوا من الإتفاق القطاعي الأخير وخرجوا منه محققين مجموعة من المطالب والعكس تماما حيث أنه خرج خفي حنين منه ، وهذا الزور والإفك الذي راجت له النقابات الكلاسيكية سيزيد من درجة الإحتقان الإجتماعي ليفضي لنا شغيلة تمريضية غاضبة جراء سياسة الإقصاء المتعمدة وسياسة تأجيل الحقوق والمطالب لتكون غير محفزة ولا مستعدة للإنخراط في تنزيل ورش الحماية الإجتماعية الأمر الذي يؤكد ما هو واقعي و منطقي فلا يمكن أن نتحدث عن تجويد العرض الصحي المقدم للمواطن والسير بقطاع الصحة إلى الأمام دون الإلتفاتة إلى الشغيلة التمريضية التي تقدم 80 ٪ من العلاجات والتي تعتبر الفئة المهنية الأكثر كثافة في القطاع الصحي.
كل هذا ويستمر مسلسل المفارقات العجيبة داخل وزارة "السيستيم D " من خلال التصريح الأخير للوزير حيث أتى على لسانه أن وزارته تعاني من خصاص مهول في الموارد البشرية بعدد يقدر ب 65 ألف من الأطر التمريضية وهذا اعتراف واضح منه أن الممرض هو عصب المنظومة الصحية إذ إن المزاولين الحاليين يسدون الخصاص المهول أي أن كل ممرض مزاول الآن يقوم بعمل ممرضين إثنين ولهذا فمن المجحف عدم تحفيزه ماديا ومعنويا ومن الحيف عدم انصافه في التعويض عن الأخطار المهنية ، واعتبر السيد الوزير ذريعة الخصاص سببا لإعطاء الضوء الأخضر لإرتكاب أكبر جريمة حقوقية و أخلاقية سيعرفها التاريخ في حق المواطن المغربي و الزحف على حقه في الاستفادة من عرض صحي ذو جودة عالية ناهيك عن إقبار الوظيفة العمومية و الإجهاز على حقوق خريجي المعاهد العليا للمهن التمريضية و تقنيات الصحة في الولوج إلى مسالكها ، ذلك من خلال إدماج خريجي التكوين المهني الخاص والتقنيين المتخصصين في الشبه طبي خريجي "الگراجات العشوائية" في القطاع الصحي العمومي والاعتماد عليهم في سد الخصاص إن تنفيذ هذه المخططات جريمة أخلاقية في حق المواطن المغربي و ذريعة الخصاص لا تبرر المخاطرة بصحة المواطنين وكل محاولات إدماجهم من طرف الوزارة الوصية تعتبر إعاقة للهدف الأسمى ألا وهو تجويد العرض الصحي الذي بدوره يعتبر حقاً مقدسا من حقوق المواطن المشروعة ، فكيف يعقل أن نعتمد على فئة و نكلفها بتقديم العلاجات للمواطن ونحن نعلم علم اليقين أن الشواهد التي بحوزتها مشكوك في أمرها وأن تكوينها لا يشرف عليه أحد ولا يخضع إلى ابسط معايير المراقبة كل شيء يحاك في الظلام الدامس وكيف لا والصحف لا تتوقف على عد الفضائح الأخلاقية التي ترتكبها هذه الفئة في حق المواطن المغربي داخل المصالح الإستشفائية والمراكز الصحية وفي حق مهنة التمريض من خلال انتحالهم صفة ممرض وكما هو بائن عند جل الممرضين وتقنيي الصحة أن أصحاب هذه المدارس وملاكها هم نفسهم من نسعى الى رفع وصايتهم على القطاع الصحي ورفع وصايتهم على معاهدنا الجميلة ، إذ أنهم يسعون إلى تدنيس هذه المهنة الشريفة والحط منها من خلال اخضاعها إلى منطق السوق هم سبب تردي صحة الشعب المغربي حيث أنهم يفصلون القطاع الصحي وفق مصالحهم دون أدنى اعتبار لحقوق الفئات الأخرى.
لم تقتصر الوزارة الوصية على القطاع الصحي بارتكاب جرائم أخلاقية وحقوقية تجاه المواطن المغربي و الشغيلة التمريضية فقط بل تجاوزت ذلك إذ وصل بطشها و صدى سياساتها التي تتسم في غالبيتها بالمحسوبية و الزبونية إلى الطلبة الممرضين الذين تقترف في حقهم ابشع الجرائم الأخلاقية والحقوقية من خلال ارسالهم إلى التدرايب الإستشفائية دون تطعيمهم ضد الأمراض المعدية مثل الإلتهاب الكبدي "ب" ومجموعة من الأمراض المعدية الأخرى التي تهدد سلامتهم الصحية وكذلك عدم تزويدهم باللوازم الوقائية من كمامات ومعقمات و لوازم الحماية الأخرى هل لهذا الحد صحة أبناء الشعب من الطلبة والطالبات رخيصة لديكم ؟ لا سيما أن القانون الداخلي للمعاهد العليا للمهن التمريضية و تقنيات الصحة ينص في أحد بنوده بكون التطعيم ضد الأمراض المعدية حق مشروع وعادل يجب على إدارات المعاهد العمل به دون أي تجاوزات و خروقات إذ أن الخروج عن القانون والزحف على حقوق الطالب الممرض يعتبر مجزرة حقوقية وانتكاسة حقوقية ستفضي لنا تكوينا مفعما بالاحتقان تنعدم فيه ابسط شروط الجودة والسلامة، كل هذه التجاوزات والضرب الصارخ لحقوق الإنسان ليس غريبا على وزارة أيت طالب فكيف يعقل أن الطالب الممرض لا يعوض ماديا على التدرايب الإستشفائية والحراسات الليلية كونه يقدم خدمات صحية تتطلب منه جهدا بدنيا، عقليا وماديا ايضاً يسد بواسطته الخصاص المهول في الموارد البشرية والغريب في الأمر وجود فئة أخرى تستفيد من التعويضات في فترتها الطلابية مع أنها لا تقدم حتى نصف ما يقدمه الطالب الممرض في المصالح الإستشفائية والمراكز الصحية تلك الفئة التي تتوافد على المصالح الإستشفائية العمومية لكي تتدرب على المرضى المغاربة وتختبر معارفها عليهم ليكون مآلها الأخير الاعتكاف في المصحات الخاصة والعيادات حيث يتاجرون بصحة المواطن المغربي ومعاناته وتقويض القطاع الصحي العمومي من أجل توجيه المواطن الى القطاع الخاص والاسترزاق على حساب جيبه وضعفه لحاجته الماسة للعلاج والتداوي، وبالتالي نستنتج من هذا أن الوزارة الوصية تحكمها الفئوية وتنهج تجاه الطالب الممرض سلوكيات تغلب عليها المحسوبية والميز العنصري الذي يعتبر ابشع الخروقات التي يمكن ارتكابها في حق الإنسان لأن التمييز يصيب الجوهر الإنساني في الصميم وهو يضر بحقوق الشخص والتمييز العنصري يلحق الضرر ويسبب ديمومة انعدام المساواة و الإنصاف و العدالة الاجتماعية ، ناهيك عن الفشل الدريع لإدارات المعاهد في ضمان حق طلبتها في التداريب الإستشفائية بعدم توفير عدد كاف من الأساتذة المؤطرين رغم أن الوزارة تتحمل المسؤولية الكاملة في هذا كونها لازالت تنهج سياسة التماطل وسياسة الأذان الصماء تجاه مطالب الأساتذة الممرضين وكذا هجوم دخلاء المهنة ومنتحلي صفة ممرض على مراكز التداريب دون أي حركة من طرف المديرين والمسؤولين الجهويين للوزارة دون نسيان حرمان الطلبة الممرضين من حقهم في التغطية الصحية الاجبارية رغم توفرهم عليها فكيف لوزارة فشلت في الحماية لطلبتها أن توفرها لأزيد من 38 مليون مواطن مغربي ؟
محمد اومزي، خريج المعهد العالي للمهن التمريضية و تقنيات الصحة بأكادير.
تعليقات
إرسال تعليق