تعيش بلادنا وسائر دول العالم هذه الأيام على وقع انتشار جائحة كوفيد 19 والتي وضعت المنظومات الصحية العالمية ومنها الوطنية تحت منظار التقييم لقياس قدرتها على التصدي لهذا الوباء والاستجابة لانتظارات المواطنين. ومن بين مكونات المنظومة الصحية العالمية والوطنية فئة الممرضين وتقنيي الصحة الذين يعملون مع باقي فئات القطاع الصحي، جنبا إلى جنب، في الصفوف الأولى لمواجهة هذه الجائحة.
جائحة كوفيد 19، التي أظهرت أحقية كل المطالب المرفوعة سابقا من طرف فئة الممرضين وتقنيي الصحة، والتي قُوبِلت من طرف المسؤولين على القطاع الصحي بالاستهتار تارة والتعنت والهروب إلى الأمام في أحيان كثيرة، من قبيل الإنصاف في التعويض عن الأخطار، تجويد مناخ الممارسة، الاستثمار في التكوين، رفع الحيف المفضوح في التعامل معها أسوة بباقي الفئات، وكذا تمكين هذه الفئة من جميع الوسائل الممكنة للرفع من جودة الخدمات المقدمة للمواطنين والرفع من حكامة القطاع عبر إشراك كفاءات هذه الفئة في عملية التسيير والتدبير...
جائحة كوفيد 19 والتي قوبلت فيها تدخلات الممرض وتقني الصحة، في العديد من منابر الوسائط الاجتماعية، بمشاعر الاستحسان والتقدير، إلا أنها تبقى واحدة من الأمراض التي تخلفها العديد من الفيروسات والميكروبات التي كانت ولازالت تهدد حياة المواطنين، والتي عانت منها فئة الممرضين وتقنيي الصحة كثيرا في ظل غياب احصائيات للضحايا، كل هاته التضحيات للأسف الشديد جُوبِهت بتنكر تام لأهم حقوقه الدستورية، من أهمها حقه الدستوري في متابعة دراسته الأكاديمية، بل تم في العديد من المناسبات الإجهاز على مكتسباته.
ومن سوء حظ هذه الفئة وباقي فئات القطاع الصحي، يسير الوزير الحالي على خطى سابقه، حيث أدت تصريحاته الأخيرة في إحدى القنوات التلفزية عندما قام الصحفي المحاور بطرح سؤال التحفيزات التي تعتزم وزارة الصحة تقديمها للأطر الصحية. كان جوابه الصادم الخال من أي حمولة عاطفية، والذي يعكس سابق ما ذكرناه: "كنحييهم !!"، في وقتٍ تجتهد فيه العديد من دول العالم في توفير سبل الراحة المادية للأطر الصحية التي تواجه الجائحة في الصفوف الأمامية من خلال تخصيص تعويضات مادية، وهو الشيء الذي لم يحصل في المغرب بل عرفت أجور الأطر الصحية في المغرب اقتطاعات للمساهمة في صندوق التصدي لجائحة كوفيد19، وإن كنت لا أعارض هذه الفكرة إلا أن الطريقة التي تمت بها الاقتطاعات، في غياب لأي تحفيز مادي أو معنوي يرفع من منسوب الثقة والقدرة للتصدي لوباء، يثبط من عزيمة الأطر الصحية ويستدعي من جنود الصفوف الأمامية الكثير من الصبر وطول النفس.
- سفيان البرنوسي، ممرض و فاعل نقابي.
تعليقات
إرسال تعليق