المركز الصحي القروي (قصبة مريم ) بالجماعة القروية ايت ازدك ميدلت، الجماعة الأم لميدلت.
هذه المؤسسة الصحية، قدمت، لساكنة الجماعة القروية ايت ازدك، خدمات صحية واجتماعية جليلة منذ الفترة الاستعمارية و جنبت الأهالي ويلات الأمراض الفتاكة كالكوليرا، التيفويد ، التيفوس و الطاعون حيث كانت تقوم السلطات من بينها الصحية بمنع الدخول أو الخروج من و إلى القصر المصاب بهذا الوباء وكانوا يلجؤون إلى طبخ ملابس الساكنة كما كانوا يضعون بين ملابس و أجساد القاطنين مبيد حشري على شكل مسحوق، للقضاء على القمل والبراغيت، يسمى ددت (DDT)
للتذكير، سنة 1926، توصلت ميدلت، إسوة بالرباط،الدار البيضاء، مكناس، فاس و مراكش، ب 06 أخوات فرانسيكانيات واللواتي كن يتكلفن بالنسيج بورشة النسيج الذي أنشأته سنة 1925 زوجة كولونيل فرنسي.
كما كن يتكلفن بمعالجة المرضى بمستوصف الأهالي ( Infirmerie des indigènes ) الكائن آنذاك بالمكان الذي تتواجد به ثكنة الوقاية المدنية سابقا والذي كان يطلق عليه "تمادلا نوضبيب" (عقبة الطبيب) وسميت بعد ذلك ب "البرج نوسيد" نسبة إلى تواجد محول كهربائي بنفس المكان.
المركز الصحي "قصبة مريم" كانت وزارة الصحة قد اكترت مقره بعد الاستقلال من المكلفين بالأخوات الفرانسيسكانيات (Sœurs Franciscaines ) عبر عقدة؛ أيامها كان قصر عثمان أموسى أو قصبة اليهود كما كان يسميه المستعمر الفرنسي، تاشويت، تاعكيت ، تاموساوعليت و بوزملا تابعين للنفوذ الترابي للجماعة القروية ايت ازدك وكانت تسهر على تسييره مجموعة من الرهيبات الممرضات المتميزات بالحس الإنساني والكفاءة المهنية.
فمنهن تعلمت أمهاتنا الأسس الأولى لحفظ الصحة الجسدية، الغذائية و حتى النفسية وقد ساعد على ذلك ثقة المغاربة فيهن نظرا لحسن نيتهن وتعاملهن مع عامة الناس على قدم المساواة مراعيات في ذلك المستوى الثقافي المنعدم و السوسيو- اقتصادي المتدهور للساكنة.
وأثناء صيانته في ثمانينات القرن الماضي، تم نقل معداته مؤقتا إلى المكان الذي أشار إليه الأخ هشام أبوطهير في أحد صوره حين تطرق لهذا المستوصف وهو عبارة عن مدرسة قديمة محادية للرهيبات ( le monastère: Notre Dame de l'Atlas )
نذكر من بين الممرضات الرهيبات بيgونيا و ممير (Mimire) التي كان يصعب على الأهالي نطق إسم "أمي" بالفرنسية (ma mère ) زيادة على ممرضة أخرى ( الأخت سيسيل Sœur Cécile ) والتي كرست حياتها ومعرفتها التمريضية في خدمة الرحل من قبيلة ايت مرغاد حيث كانت دائمة الترحال معهم.
كما استعانت وزارة الصحة بطبيب من جنسية فرنسية في الثمانينات من القرن الماضي وكان حديث القاصي والداني بلغت شهرته عدة مناطق خارج الإقليم وذلك راجع لكونه كان يتقن اللهجة الأمازيغية وكان يرتدي على الدوام نعل تقليدي من صنع محلي (أصبطري= إسكافي) لدرجة أنه لقب به إنه " بو يدوشا" بو انعالا.
وكان لبيgونيا، رحمها الله، بداية 2002، إن لم تخني الذاكرة، فضل كبير في خلق جمعية كان وراءها ثلة من الفرنسيين والفرنسيات ضحايا حمل جراء اغتصاب الجنود الألمان لأمهاتهن أثناء الهجوم النازي على فرنسا.
الشيء الذي دفع بهذه الشريحة المظلومة التي كونت جمعية في موطنها إلى التفكير في الضحايا التي قد يخلفها الجنود الفرنسيين أثناء تواجدهم بجل البلدان التي استعمرتها فرنسا ومن بينها المغرب.
الحق يقال، لقد كانت الجمعية ناجحة بكل المقاييس وصار لها صيت عالمي بفضل التبرعات المادية واللوجستيكية الكبيرة المتواصلة التي كانت تتلقاها من الخارج بدعم من الجهات المنشأة لها، إلا أن حبل الكذب قصير، فانقطعت المساعدات والزيارات العديدة المدرة للميزانية، وأصبحت في خبر كان بعد 10 سنوات من التواجد الميداني بعد اكتشاف ما اكتشفوه ؟؟؟؟؟.
حقيقة الأمر، لقد بقي سبب إنشاء هذه الجمعية سرا و لم يخبروا المنخرطين بالسبب القابع وراء تشبثهم بتكوينها ولماذا استمروا في الوقوف إلى جانبها بما أوتوا من قوة طيلة هذه السنين، إيمانا منهم بقضيتهم.
بعد الاستقلال طعم المركز الصحي بممرضين مغاربة، عامتهم من أبناء ميدلت، منهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر، نذكر منهم هرو العسال رحمة الله عليه وهو ابن عثمان أموسى. اترك المجال مفتوح للأخوات والإخوة الذين اشتغلوا هناك لسنوات ليطعموا هذا المقال بذكرياتهم.
أواخر سنة 2001 كان هو تاريخ انتهاء عقدة الكراء مما دفع بي كرئيس الجماعة آنذاك، بصفتي مهني الصحة، إلى التفكير في بناء مركز صحي آخر؛ و قد اغتنمت فرصة برنامج محو آثار الجفاف لسنة 2000 والمعروف ب برنامج 111 لبرمجته خلال اجتماع موسع بمقر العمالة بخنيفرة.
وقبل ولوج قاعة الإجتماع، تبادلت أطراف الحديث مع المندوب الإقليمي لوزارة الصحة بإقليم خنيفرة المرحوم الدكتور سلامتو علي وشرحت له أن من بين مطالبي خلال الاجتماع سيكون اقتراح بناء مركز صحي جديد لكون عقدة الكراء التي تربط وزارة الصحة والرهيبات ستنتهي متم 2001، فقال لي رحمه الله:
" ركز على مطالب أخرى فالوزارة مكنتني من غلاف مالي سأوظفه في بناء هذا المركز الصحي و سكنين وظيفيين بالجماعة التي تسيرها."
بعدها كونا داخل المجلس بمعية السلطة المحلية، لجنة لانتقاء المكان المناسب و المستوفي لشروط المندوبية : المساحة، تواجد شبكة الماء والكهرباء و الطريق.
كان التفكير في الاول في منطقة ألمو نصمورة بجانب الطريق المؤدي إلى قصر برم، إلا أن عدم تواجد شبكة الماء حال دون ذلك زيادة على مشكلة الصرف الصحي لكون المكان مرج.
وبعد زيارة عدة مواقع أجمع الكل على المكان الذي يتواجد به الآن "زاوية أسكا قرب المدرسة و إعدادية القيروان (سيدي عثمان و لالة خديجة) حيث تم التداول في شأنه في دورة عادية للمجلس بعد الحصول على موافقة كتابية من طرف نواب أراضي الجموع.
بقية البنايات الثلاثة بدون سياج إلى غاية 2012 حيث طلبت منا المديرية الجهوية للصحة بمكناس اقتراح أشغال تسييج و صيانة المؤسسات الصحية، و بما أنني في ذلك الوقت كنت رئيسا للمصلحة الإدارية والاقتصادية بمندوبية وزارة الصحة بميدلت، فقد اقترحت، بعد موافقة رئيسي المباشر، أخي د حسن بوزيان، مندوب وزارة الصحة بميدلت، من بين المشاريع الأخرى، تسييج هذا المركز الصحي، و إدخال بعض الإصلاحات كإعادة تبليط السطح والصباغة.
تعليقات
إرسال تعليق